القائمة الرئيسية

الصفحات

أخر الاخبار

التوقعات الإيجابية والتوقعات السلبية | تنمية بشرية

توقعاتك السلبية هل تتحقق دوماً؟ ماذا عن التوقع الايجابي, هل يتحقق؟ هل تؤثر في حياة غيرك من خلال توقعاتك أم أن الآخرين هم من يجبروك على مثل هذه التوقعات؟ هل يمكنك نقل مركز التحكم والسيطرة؟
ما هي التوقعات الإيجابية والتوقعات السلبية وما هو مركز التحكم في أبحاث التنمية البشرية


لماذا عندما تتوقع من أحدهم, أن يكون إيجابي معك, بإلحاح, يحدث العكس وتصاب بالخيبة؟ 
لماذا يبدو هذا الشخص أكثر إيجابية من ذاك الشخص, مع أن لهما ذات الظروف؟ 
ما هو التوقع؟ وما علاقته بمركز التحكم؟

قصة تنمية بشرية.


سوسو ولولو توأم حقيقي. فتاتين يافعتين, لكنهما لم تكونا على قدر مهم من الجمال. بدينتان, وأنفهما كبير. وبالتأكيد لن تميز إحداهما عن الأخرى عندما تراهما غافيتين. لكن ما إن تجالسهما, حتى ترى الفرق. إحداهما تعاني من كونها فتاة بشعة. أما الثانية فلم تكن تعاني لا من شقيقتها التوأم, ولا من شكلها.

سوسو متوترة دائماً وتبث الطاقة السلبية أينما ذهبت. وبالمقابل كانت لولو تكنس كل طاقة شقيقتها السلبية, بفعل طاقتها الإيجابية. فتاة تخرب, وفتاة تصلح خلفها.

لم تكن حياة سوسو مثالية بعد زواجها, فحدث الطلاق. أما لولو فقد كانت حياتها بالمجمل أكثر هدوء.

هل تتوقعون أن سوسو, كانت تتوقع, أن زواجها سيكون ناجح؟ بالتأكيد لا أحد يغامر بهذا التوقع الإيجابي لإنسان سلبي. لأن دماغ سوسو غير مهيئ للتوقعات الإيجابية. 
لديها مناعة ضد التوقعات الايجابية. مع أنها تتمنى للأشياء الجيدة أو تحدث ولو بالصدفة. لكن التوقع غير التمني. والدليل أنها عندما شجعت منتخب البرازيل, خسر فريقها من منتخب ألمانيا بسبعة أهداف لهدف وتم إسعافها للمشفى وهي تصرخ وتهذي : 
"كنت أعرف ذلك.. كنت أعرف أنهم سيخذلونني.. لا أحد يحبني.. حتى منتخب البرازيل يكرهني". 

في تلك الليلة طلقها زوجها. لأنها شتمت ممرضة جميلة, تشبه العرق الألماني, ونعتتها بصفة غير لائقة من تحت الحزام. كما سبق وأن نعتت شقيقتها التوأم, لولو, التي لا تختلف عنها بالشكل بأي تفصيل وقالت لها: 
"من تظنين نفسك؟ هل تظنين أنك أفضل مني, فقط لأنك أجمل مني".

أما لولو فلا داعي للحديث عنها, فلا توجد دراما كبيرة في حياتها الهادئة, لآنها لم تكن تغامر بالتوقعات السلبية, لقد كانت تعرف معنى التوقع, تماماً. وهذا ما جعل حياتها أكثر إيجابية وازدهار من كل النواحي.

التوقعات السلبية والتوقعات الايجابية

هل هم ايجابيون لأن توقعاتهم إيجابية, وهل هم سلبيون لإن توقعاتهم سلبية؟ هل يمكن لشخصية إيجابية أن تكون معتادة على التوقعات السلبية؟ وهل من المنطق أن يكون فلان إنسان سلبي, لكن توقعاته دوماً إيجابية؟ 

معنى التوقع؟

يمكننا تعريف التوقع باختصار شديد : التوقع هو عملية تحويل الخيال, إلى واقع. 
أي إيقاعه من عالم اللا منظور إلى عالمنا المنظور المسمى (واقع) . 
لكن أي عملية تحويل ستحتاج إلى معمل. يخطئ من يظن أن هذا المعمل خارج الإنسان, إنه في داخله. لكن مركز التحكم والسيطرة بمعمل التوقع, هو من يشكل الفرق.. فمن الممكن أن يكون خارج الإنسان, وممكن أن يكون داخله. 

إن التوقعات السلبية والتوقعات الايجابية 
تخضع لذات القوانين, وهي على هذا القدر الكبير من الأهمية, لأنها لا تؤثر على الشخص بمفرده, فقد تؤثر على أشخاص آخرين وبقدر كبير. 

صحيح أن التوقعات ما هي إلا أوهام في الرأس, لكن هذه الأوهام تنعكس على أفعال الإنسان وتصرفاته وسلوكه, على أرض الواقع. وما أفعالنا إلا رسائل بريدية مستعجلة من توقعاتنا. 
التوقعات صور تدور في رأس الإنسان وتأخذ مصداقيتها عندما يتم ربطها بمشاعر, فعندما تتوقع أمر سيء, وتخاف فعلاً.  إذاً أنت رأيت وشعرت, وبالتالي أنت في الطريق الصحيح لكي ترى هذا التوقع, وقد أصبح واقعاً. 

ما هو مركز التحكم ؟

مركز التحكم هو المختبر الذي يتم فيه تدوير الصور والتصورات للأحداث التي (قد) نمر فيها بحياتنا اليومية, قبل أن تمر. وللتذكير نكرر ما قاله مارك توين: 
"لقد مررت في حياتي بالكثير من المصاعب, وبعضها حدث بالفعل".
الغريب بالأمر أن مركز التحكم الخاص بالإنسان, غالباً ما يكون خارجه. فالناس تتبادل مراكز تحكمها. والقلة ربما من يمتلكون مركز التحكم الخاص بتوقعاتهم, في داخلهم
فهل مركز تحكمك, داخلي أم خارجي؟ 

مركز التحكم الداخلي

عندما تعتقد, بأنك مسؤول عن مصيرك, وأنك أنت من قدت نفسك إلى ما أنت عليه الآن, سواء يرضيك موقعك الآن, أم لا. فمركز تحكمك في داخلك.

إذا كنت تقول, بيقين: " أنا المسؤول عما حدث لي.. أنا المسؤول عن كل ما يحدث لي". وعندما يكون سلوكك, متفق مع هذا الاعتقاد, ولا تهدر طاقتك في لوم الآخرين أو لوم نفسك, بل تصرف طاقتك في طريق التصحيح, فمركز التحكم عندك داخلي.

مركز التحكم الخارجي

عندما تعتقد أن الآخرين هم المسؤولين عن مصيرك, وأنك دمية يتم التحكم فيها من قبل قوى خارجية, مثل الأهل أو المجتمع أو الحكومة أو القدر. فمركز التحكم لديك خارجي. 

إن كل ما ستتعرض له لاحقاً في حياتك سيؤكد لك أنك على حق, وأنك دمية, وربما تصل لمرحلة اللا عودة وتصبح غير قادر على فعل شيء حقيقي, باعتبار أنك ضحية الخارج.

المفتاح

عندما تقول: "لعنة الله عليهم, هم المسؤولين عن كل ما يحدث لي, أنا لم أخطئ", وعندما تدعم هذا الاعتقاد, بسلوكك الذي يدين الآخرين باستمرار. فمصدر التحكم لديك, موجود في مكان ما, خارجك. والمفتاح ليس معك. إنه مع شخص آخر, أو ربما مع كل من تعرفهم, ومن لا تعرفهم, لكنه ليس معك. 

إن من يمتلكون المفتاح, فيستطيعون الدخول إلى مركز تحكمهم الداخلي. يستطيعون إدارة الأمور والسيطرة من خلال لوحات المفاتيح الذاتية, التي لديهم. يمكننا القول أن هؤلاء مركزين ومنتبهين على داخلهم, أكثر من تركيزهم المطلق, على الخارج. 

هم أكثر قدرة من غيرهم على التحكم بتوقعاتهم, وبسلوكهم, وبدوافعهم , وباحترامهم لذاتهم, وإن خاطروا بأمر ما, فهم يتحملون العواقب.

هم بالمجمل يميلون إلى الإيجابية في توقعاتهم. وهذا ينعكس على سلوكهم فيظهرون لنا كأشخاص إيجابيين أكثر من الذين يكون مركز تحكمهم خارجي.

هل تستطيع إدارة توقعاتك ؟

ربما يمكن لمن يعرفك أن يحدد إن كان مركز التحكم الخاص بك هو خارجي أو داخلي, أو ربما الطبيب النفسي. لكن يجب أن تكون أنت طبيب نفسك, وعندما يهمك هذا الأمر فعلاً, ستبحث وستجد الإجابة؛ هذا إذا لم تكن تعرفها مسبقاً!  

أغلبنا يعرف أن مركز تحكمه خارجي, لكنه مستسلم للأمر. وكأننا اعتدنا على حالنا التي لا ترضينا, بحجة استحالة تغيير الأوضاع. وربما البعض يعرف لكنه ينكر, وربما البعض لم يكن يعرف. وعندما سيعرف سيطلب نقل مركز التحكم, من الخارج إلى الداخل, لكن هل هذا متاح؟

نقل مركز التوقعات؟


هل يمكننا حقاً أن نحدث التوازن بين الداخل والخارج, هل يمكننا أن ننقل مركز التحكم إلى داخلنا؟ وندخل في مرحلة الفعل وننتهي من مرحلة ردة الفعل.

هناك الكثير من البرامج التدريبية المتاحة عند معلمي بالتنمية البشرية. تستخدم طرقًا فعالة لتغيير السلوك, للمساعدة في نقل الأشخاص من التركيز الخارجي إلى التركيز الداخلي بشكل أكبر.

مثلاً هناك من يتبعون ولمدة عام كامل, دورات تنمية بشرية, يقودها مدربين مختصين ليساعدوا الناس على أن يصبح تركيزهم على الداخل أكثر من الخارج. وهذا أسلوب فعال وناجح والكثير استفادوا منه.

ولكن إذا كنت تريد طرق بسيطة ويمكنك البدء بتطبيقها بالحال، فلست بحاجة لمدرب، ينميكَ بشرياً، وعلى مدار - 12 شهراً- فقط كي يقول لك: " انظر إلى نفسك أولاً - انظر إلى داخلك - اشعر بجسدك من الداخل" لست بحاجة لمدرب, ولا لطبيب نفسي تعطيه المال

- أنت افعل ذلك, قلها لنفسك باستمرار, وأعطي المال الذي كنت ستعطيه للطبيب النفسي, أعطيه لإنسان محتاج, وانظر ماذا سيفعل بداخلك العطاء.

- بما أن التوقعات تنعكس على السلوك, إذاً غير سلوكك. ابدأ من ابسط الأشياء التي يمكنك تغييرها. إذا كنت ذاهب أو ذاهبة, إلى مسابقة وتتوقع الفشل فيها, لذلك أنت معتاد أن لا تهتم كثيراً بهندامك, حاول أن تهتم بهندامك هذه المرة. إن عدم اهتمامك بهندامك هو ردة فعل مسبقة على حدث, لم يحدث بعد, لكنك تتوقع إلى درجة اليقين أنه سيحدث, وستفشل في المسابقة؟؟ لا لن تفشل. لن تقول هذا الكلام. ستقول أن أحداً غيرك, أخذها منك, كما كنت تتوقع. قل ما تشاء لكن غير ما يمكنك تغييره.

- لكل كلمة, طاقة خاصة بها, قد تكون طاقة سلبية, وقد تكون طاقة إيجابية. لذلك قد يكون لتغيير المصطلحات اليومية التأثير الكبير. استبدل تصوراتك السلبية بمقاربة إيجابية, تعطيك ذات الهدف لكن بأسلوب مختلف عن الذي اعتدت عليه

مثلاً تخلص من كلمة "لا" .. كيف ذلك؟ إذاً تأمل في هذا النهي الصغير الذي توجهه لطفلك مثلاً وهو يحمل لك كوب فيه (ماء الحياة) ويتحرك صوبك بارتباك. ستقول له في الحال وأنت قلق: لا تكسرها يا صغير.

هي لم تنكسر بعد, لكنها انكسرت برأسك, بخوفك, وبنهيك, وبعواطفك التي غلفت هذا الأمر.. والصورة المحتمة في الرأس, في رأسك وفي رأس ابنك هي أن (الكوب وقع وانكسر) وبالفعل يرتبك الطفل ويحاول أن لا يكسرها!! فيكسرها!

لأن المتحدث والمتلقي يتخيلان معاً, ويفكران في ذات الصورة التي يتخوفان من وقوعها, فتحدث الذي يجب أن يحدث حسب التوقع.

أما الشخص الذي يتمتع بمركز تحكم داخلي فيستبدل الصورة السلبية بمقاربة إيجابية توضح الهدف الأساسي من الطلب, فيقول لأبنه: "امسكها بحذر يا بني".

لقد حذف كلمة "لا" واستبدالها بشكل إيجابي، لقد فكر وتصرف بشكل أكثر إيجابية وأثر في ابنه المتلقي, ودفعه لأن يصبح أكثر تركيزاً على داخله, عندما طلب منه أن يتوخى الحذر. 

فن التوقع

عندما ستنجح في نقل كل مركز التحكم من خارجك إلى داخلك, بالتأكيد لن تصبح خارقاً وتنفذ من الجدران, لكنك ستصبح أكثر أمناً وسلاماً. سيختفي من حياتك كل من كان يتسبب لك بحالة الشكوى والاتهام, وبعضهم سيبقى لأنك ستكتشف أنهم لم يكونوا مسؤولين عما حدث لك. إذا كنت تنتظر حدوث أمر ما, كالوفرة مثلاً. ستزول العوائق ويأتيك كل ما تريد. المال او الحب أو العلاقات الاجتماعية الإيجابية. 

وأخيراً..

ربما لا يمكننا البدء بتغيير سلوكنا النابع من توقعاتنا السلبية 
ربما ليس من السهل استبدال "لا" بصورة إيجابية؟ 
ربما لن نستطيع تحمل نفقات مدرب التنمية البشرية
ربما نفشل.
لكننا نستطيع اتخاذ القرار والمضي فيه. فإن ما تتوقعه الآن, ربما سيحدث غداً.. وإياك أن تعتبره تنبؤ.. عندما سيحدث! فأنت فاعل في حدوث هذا التوقع. أما التنبؤ ليس من صلاحياتنا نحن البشر العاديين 
توقع لأبنك أو لابنتك أن يكونوا ناجحين. افعل ذلك معهم منذ الصغر, هذا أهم ما يمكنك الاستفادة منه في إدارة توقعاتك إنها قوانين ولا مفر منها. ولا داعي لمحاولة الفرار منها. فالله خلقنا في أحسن تقويم, ولم يخلقنا فارين من العدالة, ومخالفين للقوانين. خالف قوانين البشر إذا أردت لكن لا تخالف قوانين الله. 

التوقع هو الفأل, لذلك تفاءلوا بالخير تجدوه.





تعليقات