القائمة الرئيسية

الصفحات

أخر الاخبار

المعلم الروحي, غورو, من هو في: الهندوسية, وفي البوذية.

 تعتبر الهندوسية أقدم ديانة عالمية حيّة حتى الآن, منذ الألف الثاني قبل الميلاد. يتبعها أكثر من مليار إنسان. في المعتقد الهندوسي لا يمكن الوصول إلى الكمال المطلق إلا بواحدة من طريقتين: إما من خلال الكارما, أو بمساعدة المعلم الروحي. 

المعلم الروحي غورو في الدين والحياة والموت

المعلم الروحي عند بوذية التيبت "الدالاي لاما" يقول: 
"هدف الدين أن تسيطر على نفسك, لا على الآخرين" . إذن, لنسيطر على أنفسنا ولنتساءل: ماذا نفهم من هذا الكلام؟ 
بالتأكيد الجواب سهل جداً وهو: (نفهم من هذا الكلام, أن الإنسان بحاجة إلى معلم روحي, كي يقول له هذا الكلام).

كلام عن الدين, كلام عن الحياة. تساؤلات فلسفية كما يعتقد بعضهم. لكنها في الحقيقة, بحر من التساؤلات المشروعة لكنها بلا جواب. إنها تساؤلات عن الموت وعن الحياة.


تساؤلات في الحياة


لماذا البؤس والحزن يتجهان إلى السيطرة على العقول والقلوب معاً؟ لماذا لا يتم الكشف عن علاج الفقر؟ كيف يتعثر إنسان سيء, بالحظ الجيد؟ ولماذا يلاحق الحظ السيء, إنسان جيد؟ لماذا يبتلى طفل بذاك الداء, بينما يعيش ذاك الشرير حياة مديدة. ويحجب عنه الدواء؟

ما الهدف من وجود الإنسان؟ بالأحرى ما هو الإنسان؟ هل هو فقط كتلة لحم فيها حياة, وعظام؟ أم هو لغز غارق في محيط من الألغاز؟ اسمه الكون اللا نهائي الأبعاد؟ ثم ما هو الكون؟ نشأته, وتمدده وإلى أين سينتهي؟ وإذا كان يتمدد؛ ألا يجب على الإنسان أن يتمدد معه؟ أليس من المعيب أن يبقى الإنسان مقيد ومحدد, في كون يتوسع ويتمدد؟

بالتأكيد هذا معيب لذلك قالوا: للإنسان دور حاسم في تمدد الكون, فالكون يعي نفسه من خلال الإنسان. وهذا رأي يندرج في سياق الماورائيات. والإجابة عن هذه الأسئلة الوجودية, بالتأكيد تحتاج إلى إنسان ميتافيزيقي. ليس مثلي ولا مثلك, لكنه يشبهنا بالشكل البشري.


المعلم الروحي, "جورو" أو "غورو"

لن تعرف نفسك بنفسك, دون جهد وعناء واستحقاق, فأنت تلميذ في لعبة الحياة. والتلميذ دوماً بحاجة إلى استاذ. بحاجة إلى معلم حقق الاستنارة, يقوده إلى اكتشاف ذات الإمكانات اكتشفها هو بنفسه. يقولون عنه في الديانات الشرقية, "المعلم" - ويلفظ: "غورو" the Guru. 

نشأته, الهندوسية. 

تعتبر الهندوسية أقدم ديانة عالمية حيّة حتى الآن, منذ الألف الثاني قبل الميلاد. يتبعها أكثر من مليار إنسان. في المعتقد الهندوسي لا يمكن الوصول إلى الكمال المطلق إلا بواحدة من طريقتين: إما من خلال الكارما, أو بمساعدة المعلم.

من خلال البحوث التاريخية والأثرية, تم ذكر مصطلح الغورو لدى الفيدية -الهندوسية- منذ الألف الأول قبل الميلاد عندما شددت الهند القديمة على ضرورة التعليم الديني في المجتمع, لذلك غالباً ما وجدت المدارس الكبرى التي يديرها المعلم بجانب المعابد الدينية. كان حق التتلمذ حينها, حكراً فقط على الذكور. ولاحقاً بات من حق الإناث أيضاً.


قيمة المعلم الروحي

على المستوى الاجتماعي والديني ، يساعد المعلم في استمرار الدين وأسلوب الحياة الهندوسي. وبالتالي ، فإن جورو له دور تاريخي ومبجل ومهم في الثقافة الهندوسية والبوذية وغيرهم من الديانات الشرقية. 

في الهندوسية:

هو التحرر المطلق والقبول والحرية. بما في ذلك هو مدرس للمهارات، هو مرشد روحي (حي) - يساعد على ولادة العقل, وعلى إدراك روح المرء. هو الأب الروحي للعقل والروح معاً. هو من يغرس في أتباعه, القيم, والمعرفة التجريبية.

هو مثال يقتدى به، وهو الإلهام الذي يوجه النمو الروحي لأتباعه وطلابه ومريديه. هو منارة الحكمة للأتباع. هو التجسيد الحي للحقيقة الروحية, في هيئة إنسان.

في البوذية :

المعلم هو بوذا، وهو الدارما. هو الوسيلة الوحيدة للاستيقاظ في الحياة. لذلك يجب على الشخص الذي يرغب في الوصول إلى حالة البوذية, إرضاء المعلم.

يقولون جوتام بوذا عرف الحقيقة منذ سن مبكر, لكنه استمر في الحياة لسنوات طويلة بعدها, مع درايته أنها لم تعد مجدية له. لكنه لم يعد يفكر في نفسه, مذ عرف الحقيقة. لقد بقي معلماً, ينتظر من يبحثون عنه.  لم يطلب منهم أن يهتموا أو يقدسوه,  لكنه دعاهم إلى الاهتمام بخلاصهم. توقف عند الاستنارة , واراد المشاركة مع كل من يبحث عنه. هدفه الوحيد من البقاء هي استنارة المزيد من الأرواح في الرحلة الأخيرة من التجسد.

هناك قصة بوذية تقول، أن جوتام بوذا لا يزال ينتظر في الملكوت الأعلى. يرفض دخول الجنة من أجلنا فقط. يقول بوذا أنه لن يدخل داخل الجنة ما لم يستنير الوجود كله. هذا هو التعاطف المطلق.

المعلم , في بوذية التيبت.

المعلم الروحي يلفظ لديهم (لاما)

هناك أربعة أنواع من اللاما في البوذية التبتية:

1. المعلم الفردي: (لاما)

2. المعلم الذي هو كلمة بوذا: (مثل الدلاي لاما)

3. المعلم الرمزي لجميع المظاهر

4. المعلم المطلق: وهو الطبيعة الحقيقية للعقل

لفظ المعلم "جورو"

مقطعين بلفظ "غورو" (غو) و (رو). (ru) (Gu) يشيران إلى التناقض بين الظلام والنور. بمعنى أن المعلم, هو مبدد الظلام. وبعضهم يقول, أنهما إشارتان إلى الجهل والمعرفة, فيصبح جورو, مبدد الجهل. وبعضهم -اليانية مثلاً- يسميه فقط المعلم الروحي أو المستشار الروحي. هو ثقيل المعرفة, أو المعرفة المستحيلة , بمعنى أنه متخم بالمعرفة التي يجهلها بقية البشر أمثالنا. هو المعرفة الثقيلة التي لا يمكن لإنسان عادي أن يتحملها أعباء امتلاكها. هو الممتلئ بالحكمة الروحية, ويرشد أتباعه إلى طريق الخلاص.

المعلم الروحي ليس من أدلة الروح.

تقول جميع الديانات الشرقية "هناك العديد من النفوس المستيقظة في العالم, لكن لا يمكن للجميع أن يصبحوا معلم "غورو". إن المعلم الروحي هو الشخص الذي لديه فرصة للاندماج مع الوجود إلى الأبد, ولكنه لا يزال بين الناس, بدافع المحبة والتعاطف، كما حدث مع غوتاما بوذا.

ليسوا من المرشدين الروحيين أو أدلة الروح , فالمرشدين الروحيين هم من الكائنات الترددية الموجودة في العوالم الأخرى". المعلمين الروحيين , مثلنا وبيننا, لكن ورغم ذلك, علينا أن نحظى بالكثير من الكارما الجيدة حتى نلاقي واحداً منهم. وربما إذا اتصلت مع دليل الروح لديك, هو من يرشدك بالإشارات أو الرموز, أو الحدس أو الأحلام, للوصول إلى معلمك الروحي, عندما تكون تستحق ذلك, فلقاء المعلم ليس بالأمر السهل, وربما بالبداية لا يكون مسلياً إطلاقاً لكنه لاحقاً يصبح نعمة مطلقة.
 
يقول أحدهم "سادجورو" : لن تحتمل البقاء معه, ولن تحتمل تركه.

لقاء المعلم, المخلص. 

عندما تصادفه -إذا صادفته- تشعر بالموت في داخلك, هناك شيء مات, وشيء بات حي. ليس مجرد شعور بالنشوة أو بالسعادة العابرة , كتلك التي تنتاب البعض عندما يقابل أحد المشاهير.. كلا.. الأمر هنا مختلف. أنت تعاني من تغيرات لن تستطيع شرحها للآخرين. وربما لن يكشف لك عن نفسه في البداية, وربما بعد ذلك بمدة سيكشف لك عن هويته, أو هويتها, فالمعلم بشكل إنسان, ومصطلح إنسان في الماورئيات هو فوق مستوى الجندر, بمعنى أنه ممكن أن يكون "غورو".. أنثى.

حياة المعلم الروحي

حياة المعلم المخلص, ليست سهلة إطلاقاً. -بالنسبة لنا- يعيشون في المعابد ويكثرون من الطقوس المتعبة, اختاروا شظف العيش, تخلو عن أكل اللحوم والأسماك وحتى البيض؛ وبالتأكيد لا يتناولون الكحول والتبغ والمخدرات ولا حتى الشاي والقهوة؛ لا يقرؤن الكتب ولا الروايات التافهة, ولا يهتمون بالرياضة, والجنس لديهم فقط لإنجاب الأولاد؛ ومن خلال الزواج.

غورو ونظرة الغرب

نظر العالم الغربي إلى ظاهرة المعلم , بنظرتين متباينتين, نظرة ازدرائية, ونظرة تقديرية

النظرة الغربية الازدرائية

مصطلح "غورو" يستخدم أحيانا, في العالم الغربي, بطريقة مهينة وساخرة للإشارة إلى أولئك الذين يستغلون مجموعة من البسطاء والأغبياء السذج, تحت مسمى أتباع، كالهبيين أو الحركات الدينية الجديدة، الاعتماد على الذات و التانترا .

النظرة التقديرية للمعلم الروحي, في الغرب.

انجذب الكثير من غير الهندوسيين وخصوصاً في المجتمعات الغربية, لهذه الفرضية خصوصاً في منتصف القرن العشرين وما تلاه. بسبب كثرة الحروب وانتشار الدمار, كانوا من مناهضي الحروب. الحرب العالمية الثانية, وصولاً إلى الرافضين لحرب فيتنام. والكثير منهم وجد في فكرة "المعلم" "جورو" الخلاص من عجزهم عن تغيير الواقع السياسي, فلاذو إلى الاهتمامات الروحية, ليجابهوا تغوّل مجتمعهم الغربي, الذي ابتعد كثيراً عن هذه القضايا, وأسرف بالانصياع لعالم البورصة والمال.

وبزمن قياسي, انتشرت في العالم الغربي, الهندوسية بكل فروعها وطقوسها كاليوغا. كثرت الرحلات من الهند إلى الغرب لإلقاء محاضرات وتثقيف الغرب بحضارة الشرق. وراح الكثير يطلقون لقب "غورو" على من هب ودب. وهذا بعرف العارفون بالديانات الشرقية, استخدام خاطئ لهذا اللفظ. إنه لفظ كبير وغامض جداً. فالغورو يجب أن يكون قد حقق الاستنارة الروحية.


خاتمة عن المخلص
كل البشر يتوقون إلى الخلاص وإلى المخلص. تلك كانت لمحة موجزة عن المعلم الروحي بالديانات الشرقة ، معلم مثقل بمعرفة المطلق ، ويزيل الرغبات وبالتالي المعاناة, بنور إلهي, لكن غالباً ما يحدث الخلط بين الشخص, وبين ما يمثل هذا الشخص, لدرجة أن الأمر يتحول إلى تقديس كلي يتجاوز أي مفهوم نقدي ممكن أن يتعرض له هذا المقدس, مع أنه إنسان.

وأغلبنا يعلم أنه لم يحدث,  أن صادف إنسان حي, إنسان مثله يعرف كل أسرار الحياة لذلك فإن الغورو.. نادر الوجود وصعب أن تمسك به.. أنه يشبه ما يقال عنه (جزيء الرب) الذي يبحثون عنه في مُصادم "سيرن".

كذلك لا يمكن أن يتم اتهام المعلم "غورو" بقضايا اغتصاب كم حدث مع بكرام تشودري صاحب أكبر امبراطورية يوغا في أمريكا. الذي هرب إلى المكسيك بعد اتهامه بقضايا تحرش واغتصاب. ما هكذا تولد الأبل يا بكرام, ولا هكذا تورد الإبل يا من ترمون لقب المعلم على إي كان .. لكن هي هكذا الحقيقة, تولد حية والإنسان يقتلها.. لكن طمس الحقيقة, أمر نسبي. ووضوحها أمر مطلق لا ريب فيه. واللهم امنحنا الحكمة كي نميز الغث من السمين, في هذا الزمن العجيب, والله ولي التوفيق.




 

 

 

 

 

 

 


تعليقات